المسألة الثانية عشرة في الذي أجر عبده ثم يبيعه قبل انقضاء أمد الإجارة فالإجارة أولى بذلك اتفاقًا
ثم لا يخلو المشتري من أن يعلم بذلك أو لا يعلم، فإن علم بذلك قبل انقضاء المدة فلا يخلو ما بقى من أمد الإجارة من أن يكون يسيرًا أو كثيرًا.
فإن كان يسيرًا كاليوم واليومين وما أشبه ذلك، فالبيع جائز إذا رضي المشتري بذلك قولًا واحدًا؛ إذ يجوز للبائع أن يستثنى هذا القدر في أصل العقد.
فإن كره المبتاع انتظار مضى باقي المدة، هل يلزمه ذلك البيع ويجبر على التربص؛ إذ لا ضرر عليه في ذلك؛ لأنه شيء أوجبته الأحكام، وهو تأويل بعضهم أيضًا.
فإن كان كثيرًا، فهل يجوز للمشتري الرضا بالتربص إلى انقضاء أمد الإجارة، ويجوز البيع أم لا؟ على قولين:
أحدهما: أنه لا يجوز له الرضا بذلك لوقوع العقد على الفساد؛ لأنه من المعين يقبض إلى أجل، وهو قول ابن القاسم في "الكتاب".
والثاني: أنه يجوز للمشتري الرضا بذلك، ويجوز البيع؛ لأن العلة في المعين يقبض إلى أجل ضمان بجعل؛ وذلك أن المشتري اتهم في أن يشتريه بأكثر من ثمنه ليبقى في ضمان البائع إلى ذلك الأجل فتلحقهم التهمة في التواطؤ على ذلك، ولا تهمة في مسألتنا هذه؛ لأن ذلك شيء أوجبه الحكم، ومشهور المذهب أن ما يوجبه الشرط على خلاف ما يوجبه الحكم، وهذا القول يستقرأ من المدونة من غير ما موضع.