[المسألة الثالثة فيمن مر برجل فسمعه يطلق، أو يعتق، أو يعترف بحد أو حق من غير أن يشهده المطلق أو المعترف]
وقد وقع في هذه المسألة في "الكتاب" إشكال، وفيها ألفاظ توهم أن قول مالك اختلف فيها، وأنا أورد عليك نص "الكتاب" حتى يتبين لك محل الإشكال أو ما أوجب الإيهام من الكلام.
قلت: أرأيت إن سمع رجل رجلًا يقول: إن لفلان على فلان كذا وكذا، أو يقول: رأيت فلانًا قتل فلانًا أو قال: سمعت فلانًا قذف فلانًا، أو سمعت فلانًا طلق فلانة، ولم يُشهده، إلا أنه مر فسمعه وهو يقول هذه المقالة، أيشهد بهذا، وإنما مر فسمعه يتكلم به، ولم يشهده، قال: لا يشهد بها ولكن إنما مر فسمع رجلًا يقذف رجلًا، أو سمع رجلًا يطلق امرأته ولم يشهداه، قال مالك: فهذا الذي يشهد به، وإن لم يشهداه.
قال: ويأتي من له الشهادة فيعلمه أن له عنده شهادة.
قال: وسمعت من مالك هذا في الحدود: أنه يشهد بما سمع من ذلك إذا كان معه غيره.
وأما قولك الأول في "كتاب الشهادات"، فإني سمعت مالكًا، وسئل عن الرجل يمر بالرجلين وهما يتكلمان في الشيء، ولم يستشهداه فإنه لا ينبغي أن يشهد، قال ابن القاسم: إلا أن يكون استوعب كلامهما؛ لأنه إن لم يستوعبه لم يجز أن يشهد لعل الذي نقله قد كان قبل هذا الكلام كلام يبطله، فيدعوه أحدهما إلى الشهادة فلا يشهد، وهذا نص المسألة في الأمهات.