المسألة الثانية في عَرِيَّة الواحد للواحد أو للجماعة
ولا يخلو ذلك من أربعة أوجه:
أحدها: أنه يعري واحدًا لواحد في حائط واحد.
والثاني: أن يعري واحد لواحد في حوائط متعددة.
والثالث: أن يعري واحد لجماعة.
والرابع: أن يعري الجماعة للواحد، وذلك كله في حائط أو حوائط.
فأما عرية الواحد للواحد في حائط واحد فلا خلاف في المذهب في جواز شراء ما دون خمسة أوسق ويخرصها تمرًا عند الجذاذ إلا رواية شاذة رويت عن مالك أنه منع شراء العرية بخرصها تمرًا عند الجذاذ وأجازه بالعين وغيره.
وفي خمسة أوسق قولان، مشهور المذهب جوازه وهو مذهب "المدونة".
والثاني: المنع وهو الأظهر في النظر، وذلك أن الراوي شك في خمسة أوسق هل وردت فيها الإباحة أو لا؟ والشك لا يقدح في اليقين، ونحن على اليقين في تحريم المزابنة عمومًا حتى يثبت دليل التخصيص.
ووردت الرخصة بجواز شراء العرايا بخرصها تمرًا عند الجذاذ مما دون خمسة أوسق، وشك الراوي في الخمسة، فالإباحة فيما دون الخمسة لا في الخمسة إذ لابد أن يبقى للرخصة محل، ويبقى على أصل المنع محل فيما دون الخمسة محل للرخصة وهي أربعة فدون؛ وفوق الخمسة محل للمنع بالأصل، والتوسط بينهما هو المشكوك فيه.