للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المسألة الثانية في حكم التعدي على الخصوص]

ومن تعدى على مال رجل، فجنى عليه جناية تفسده: فلا يخلو من وجهين:

أحدهما: أن يكون ذلك الفساد [لا يبطل] (١) منه الغرض المقصود.

والثاني: أن يبطل منه الغرض المقصود.

فإن كان لا يبطل منه الغرض المقصود مثل أن يكون ثوبًا، فشقه شقًا قليلًا، أو عبدًا قطع له أصبعًا أو أصبعين، وهو من عبيد الخدمة أو عبيد التجارة، أو جرحه جرحًا لا يؤثر في فساده، ولا في ذهاب منافعه أو كانت دابة من ذوات الخدمة والسخرة، فقطع أذنها أو أذنيها أو فقأ عينها، وهي مما لا يُرَاد للركوب، فلا خلاف أعلمه في المذهب أن الجاني يغرم ما نقصته الجناية، وليس لرب السلعة المجني عليها أن يضمن الجاني قيمتها، فإن كان ثوبًا رفاه أو قصعة أصلحها وغرم ما نقص بعد الرفو، والإصلاح فألزمه الإصلاح؛ لأن صاحب الثوب، والقصعة، لا يقدر على استعمالها إلا بعد الإصلاح.

وقد رام بعض متفقهة الزمان أن تستقرأ من هذه المسألة: جواز القضاء بالمثل في العروض بناء منه على أن التوب المشقوق بعد الرفو إذا أخذه رب الثوب كأنه أخذ غير ثوبه، أو أنه أقام الرفو مقام ما قطع من الثوب؛ لكونه أخذ عوضًا عنه.

وذلك خيال؛ لأن الذي نقص من الثوب لا مثل له، والرفو الذي رفاه


(١) في ب: لا يفسد.

<<  <  ج: ص:  >  >>