للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتعدي لا يماثل ما قطع من الثوب ولا يقاربه.

وحقيقة المماثلة: مساواة العوض للمعوض عنه في المثلية، ولو كان الرفو مماثلًا لما نقص من الثوب ما غرم المتعدي النقص بعد الإصلاح؛ لأن من غرم مثل ما تعداه عليه لم يكن عليه غرم آخر.

فإذا فهمت ما ذكرناه تَبَيَّن لك اضمحلال ما خيل به من قصر ذهنه عن النظر في استقصاء المعاني.

فإن كان عبدًا أو دابة فإن الجاني يغرم ما نقصه القطع أو الجرح.

واختلف هل يغرم الجارح أجر الطبيب أم لا؟ على قولين:

أحدهما: أنه على الجارح كالرفو، ثم إن برئ الجرح على شين غرمه أيضًا.

والثاني: أن أجر الطبيب على [المالك] (١) دون الجارح بخلاف الرفو. وقد اختلف تأويل المتأخرين في ذلك:

- فمنهم من قال: أن ذلك اختلاف قول، وأنه يلزم في قطع الثوب ألا يلزم القاطع المتعدي الرفو.

- ومنهم من قال: إن ذلك اختلاف سؤال، وإن الفرق بينهما أن الرفو في الثوب أمر معلوم قدره، ونهايته، وأن الناس فيه على بصيرة أنه بالرفو يمكن الاستمتاع بالثوب، والانتفاع به على حسب ما كان ينتفع به قبل القطع.

فلهذا أمر المتعدي بالرفو؛ لأنه كلف أمرًا معلوم قدره وعاقبته، ومداواة الجرح أمر غائب عَنَّا لا ندري هل ينجح فيه الدواء، فيبرأ أو يموت


(١) في ب: المجروح.

<<  <  ج: ص:  >  >>