[المسألة الثانية في الذي باع داره لينفق عليه المشتري حياته]
فإن قال قائل: وما فائدة ذكر هذه المسألة في هذا الموضع، وكان من حقها أن تذكر في البيوع الفاسدة، وهذا الكتاب -الذي هو السلم- ليس من المختلطة، وإنما هو مدون؟
فالجواب عنه أن يقال: إن الترجمة ترجمها سحنون - رضي الله عنه - في السلم الفاسد، فدون فيه كل مسألة لائقة بمقتضى الترجمة، وهذه المسألة من السلم الفاسد؛ لأنه أسلم داره في الطعام الذي هو نفقته إلى أجل مجهول فأشبه السلم من هذا القبيل؛ لأن السلم عبارة عما يقدم فيه رأس المال وآخر فيه المثمون، وهذه المسألة قد تكرر ذكرها في ثلاثة مواضع ذكرت في هذا الكتاب باسم البيع، وفي "كتاب الشفعة" باسم الهبة، وفي "كتاب الصدقة" باسم الصدقة، فإذا ثبت ذلك فلا يخلو من وجهين:
أحدهما: أن يعمره بقية عمره.
والثاني: ألا يعمراه.
فالجواب عن الوجه الأول: إذا عمره بقية عمره؛ مثل أن يقدر الذي مضى من عمره حتى يعرف ما بقي له من سبعين سنة التي هي أمد العمر على ظاهر الحديث (١) بشرط أنه إن مات قبل أن يستوفي ذلك العدد من السبعين حسب ما بقي ويدفع لورثته، وإن عاش حتى يستوفي جميع
(١) وهو: "أعمار أمتي ما بين ستين إلى سبعين، وأقلهم من يجوز ذلك" أخرجه الترمذي (٣٥٥٠) وابن ماجه (٤٢٣٦) وابن حبان (٢٩٨٠) من حديث أبي هريرة، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله تعالى.