للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المسألة الرابعة في الفرق بين الإجارة والجعالة]

وينبغي للعالم أن يعلم أن الجعل والإجارة يتواردان موردًا متقابلًا، وكلاهما عوض عن عمل، فاعتمد على الفرق بينهما من وجهين:

أحدهما: لفظي، والآخر: معنوي، والمعنوي أوسع وأوضح.

فأمَّا اللفظي: فهو أن يقول: أجاعلك على كذا وكذا تعمله، ولك كذا وكذا بكذا، هذا في الإجارة؛ لأنه أوردها باسمها، ويراعى لها شروطها أيضًا كما قدمناه، فلا ينبغي إهمال هذه الألفاظ.

ولو عقدا عقدًا بينهما لا بواسطة الجعالة، ولا بواسطة الإجارة، فهناك تلاحظ الفرق المعنوي الحكمي؛ فإن وجد فيها معنى الإجارة، فهي هي وإن وجد فيها معنى الجعالة فهي هي؛ فإن قال: بع لي هذا الثوب، ولك ألف درهم، فإن لم تبعه فلا شيء لك، فهذه جعالة؛ لأن الاستحقاق فيها نيط بالفراغ من العمل وتصرمه، فإذا قال: بعه لي، ولك درهم بعته، أو لم تبعه فهي إجارة، ولابد من الأجل؛ لأن الاستحقاق فيها ليس بمنوط بالفراغ من العمل، وبين هاتين المقدمتين واسطة مشكلة؛ وهي إذا أبهم الأمر، فقال: بعه ولك كذا؛ إذ قد يحتمل أن تكون إجارة تفسد لعقد [] (١)، ويحتمل أن تكون جعالة فيصح.

أما رأي من غلب شائبة الصحة في اللفظ المتردد بين الفساد والصحة صيانة للمسألة عن الإبطال، فحمله على الجعالة مطرد غير مطرب، وأما رأي من غلب الفساد على الصحة عند التزاحم كابن القاسم، فإنه قد عهد


(١) غير واضحة بالأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>