ولا تخلو الشفاعة من أن تكون من المقذوف أو من غيره.
فإن كانت من غيره، فلا أعرف في المذهب نص خلاف أنه لا تقبل.
فإن كانت من المقذوف، فهل يجوز عفوه عن القاذف أم لا؟ فالمذهب على أربعة أقوال كلها قائمة من "المدونة":
أحدها: أن العفو لا يجوز فيه جملة -بلغ الإِمام أم لا- وهو ظاهر رواية أشهب عن مالك في "العتبية"، وهو ظاهر "المدونة" من غير ما موضع منها قوله في "كتاب القذف" إذا ادعى المقذوف أن القاذف قذفه، وأقام بذلك بينة عند السلطان، ثم إن المقذوف قال للسلطان بعدما شهد شهوده أنهم شهدوا بزور حيث قال: هذا قد بلغ الإِمام، فلا ينظر في قوله؛ لأن الحد قد وجب، فهذا يريد إبطاله.
وقال في موضع آخر في الكتاب المذكور: وإذا قذف رجل رجلًا عند الإِمام بمحضر العدول، والمقذوف غائب فإنه يقيم عليه الحد.
فظاهر هذا كله أنه حق لله، فلا يجوز فيه العفو جملة.
والثاني: أنه يجوز فيه العفو جملة -بلغ الإِمام أم لا- وهو ظاهر قوله في "كتاب السرقة"، و"كتاب الرجم" من "المدونة"؛ لأنه قال: يجوز العفو، وإن بلغ الإِمام [وسكت](١).