والثالث: أنه يجوز العفو ما لم يبلغ الإِمام؛ فإنه إذا بلغ الإِمام، فلا يجوز فيه العفو، وإن أراد سترًا، وهو ظاهر قوله في "الكتاب" في الذي زور بنيته بعد أن شهدوا له بالقذف عند السلطان حيث قال: لأنه حد قد بلغ الإِمام، وهو نص قوله في "كتاب الرجم" حيث قال: أجازه مالك مرة بعد بلوغ الإِمام، ثم رجع عنه. معناه أنه منع العفو بعد بلوغ الإِمام جملة -أراد سترًا أم لا.
والرابع: التفصيل بين أن يريد سترًا أو لا يريد سترًا؛ فإن أراد سترًا على نفسه جاز عفوه، وإن بلغ الإِمام، وإن لم يرد سترًا فلا يجوز عفوه بعد بلوغ الإِمام. وهو نص قوله في "كتاب القذف" من "المدونة".
ومعنى قوله: أراد سترًا مخافة أن يُشد على القاذف، ولم يعف عنه حقق ذلك عليه بإقامة البينة. وهذا أحد التآويل في ذلك.
وسبب الخلاف: هل القذف حق لله أو حق للمقذوف؟
فمن رأى أنه حق لله منع العفو فيه -بلغ الإِمام أو لم يبلغه- ومن رأى أنه حق للمقذوف جوز العفو جملة.
ومن جوز ما لم يبلغ الإِمام، أو جوز إذا أراد سترًا رأى أنه تعلق به حقان: حق الله تعالى، وحق المقذوف، ويترجح أيهما أقوى.
وعلى هذا المعنى اختلف، هل يجوز للأجنبي القيام به أو لا يجوز؟ وكذلك إذا عفى عنه المقذوف ثم [قام](١) به، هل يمكن من ذلك أم لا، على قولين: ابن القاسم منعه، وأشهب مكنه.
وذلك يتخرج على الخلاف في حد القذف، هل هو حق لله تعالى أو حق للمقذوف؟ والحمد لله وحده.