[المسألة الخامسة في نهي المالك للعامل عن الاسترسال في التصرف]
اعلم أن رب المال إذا نهاه عن التصرف في بعض الأعيان وأباح له بعضها: فلا يخلو ذلك البعض المباح من وجهين:
إما أن يكون أكثر من البعض الآخر، وإما أن يكون أقل منه.
فإن كان أكثر منه: فذلك غير جائز؛ لأنه يخل بمقصود القراض الذي هو الاستمناء والاستكثار لسهولية وجوده شرقًا وغربًا، متهمًا ومتحدًا في كل صوب وأوب.
وإن كانت أقل منه: فلا يخلو من ثلاثة أقسام: إما أن يعين له سلعة، وينهاه عن التصرف في غيرها.
وأما القسم الأول: فلا يجوز إلا أن تكون تلك السلعة عامة الوجود في الشتاء والصيف.
وأما الثاني: فلا يجوز على الإطلاق، وسواء كان ذلك الرجل موسرًا لا تقدم منه السلع والمتاجر، أو معسرًا يعدم ذلك عنده لإخلاله بمقصود القراض الذي هو النمو والزيادة لتجويز امتناعه عن مبايعة العامل صنفًا منه بماليته، أو أنه لا يبيع إلا بالثمن المجحف العري عن الربح، وبهذا فارق القسم الأول لبعد فرض امتناع كافة ملاكها عن بيعها.
وأما تعيين البلد: فذلك على قسمين:
أحدهما: أن تكون البلد حيث عقد القراض، فذلك جائز؛ لأنه يتجسم مشقة الحل والترحال، وهذا إذا كان البلد المسمى لا تعدم منه السلع والمتاجر لسعته.