فنقول: الفاسد عندنا غيابه عما لا حكم له في الشرع، وتحقيقه يتبين لك بتعاطي الانفصال عن السؤال عن حد الصحيح، وقد تكلم الأصوليون في ذلك، ونحن ذاكرون ما هو المذهب المختار عندنا:
فمن ذلك ما قاله الشافعي - رضي الله عنه - في "الرسالة"، وذلك أنه قال: جماع ما يجوز به البيع عاجلًا وآجلًا أن يتعاقدا بتراضٍ منهما، لا بأمر منهي عنه، ولا عن أمر منهي عنه، فإذا تعاقدا على هذا وتفرقا بأبدانهما: لم يكن لأحدهما فسخه دون عيب يحده أو شرط يشترطه.
فقوله:"جميع ما يجوز به البيع عاجلًا وآجلًا أن يتعاقدا بتراضٍ منهما": يشمل الفاسد والصحيح.
وقوله:"لا بأمر منهي عنه" لم يخلص الأثمان من الناهي كالأعواض الفاسدة؛ مثل البيع بخمر أو خنزير أو ميتة، وما ضارع ذلك.
وقوله:"ولا على أمر منهي عنه": معناه ألا يكون الخلل راجعًا إلى اشتراط ما لا يجوز من الخيار العري عن الاختيار، أو يذكرا أجلًا مجهولًا.
فهذا هو البيع الصحيح عندنا، وما وراءه فاسد.
ولا فرق بين الفاسد والباطل عندنا وعند الشافعي؛ لاجتماعهما في الحد الذي أسلفناه، غير أنا نحن -معاشر المالكية- لا نقول بالتحرير والتقرير، "تفرقا بأبدانهما": ليس بمذهب لنا، وإنما هو مذهب الشافعي.
وأما الحنفية: فيفرقون بين الفاسد، والصحيح، والباطل، ويجعلون