وإذا صرف الرجل دينارًا بدرهم، فدفع الدينار، ثم أمر الصرَّاف أن يدفع الدرهم لغيره، أو وكل رجل رجلًا يصرف له ثم تولى هو القبض، أو بالعكس: فلا يخلو ذلك من وجهين:
أحدهما: أن يكون ذلك قبل التفرق.
والثاني: أن يكون [بعده](١).
فإن كان قبل التفرق -أعني بالتفرق: ذهاب المحيل والأمر- فهل يجوز الصرف أم لا؟
فالمذهب على ثلاثة أقوال كلها قائمة من "المدونة":
أحدها: الجواز في الوكالة والحوالة وهو ظاهر قوله في الكتاب؛ حيث قال في الحوالة:"ألا ترى أنهما افترقا قبل أن يتم قبضهما" وقال في الوكالة: "وقام هو فذهب يريد الأمر فلا خير فيه"، وظاهر قوله: أنه لو قبض المحال والأمور قبل ذهاب المحيل والأمر؛ لجاز في الجميع، وهو قول أشهب وسحنون في غير المدونة.
والقول الثاني: أن ذلك لا يجوز في الجميع، وهو ظاهر المدونة في مسألة الوكالة؛ حيث قال:"لأن مالكًا قال: لا يصلح أن يصرف ثم يوكل من يقبض له"، وظاهره ألَّا فرق بين الحوالة والوكالة.
والثالث: التفصيل بين الحوالة والوكالة، وهو ظاهر "المدونة" على ما