للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الخامسة

في القافة: والقافة مِن مدارك معارف البشرية، ومن غرائب نتائج المعرفة، متميزة من فنون الكهانة، ومترقية عن قوانين النجامة.

وحقيقتها: اقتفاء الشبهة لتخايل الخلقة، وهو علمٌ خص اللهُ بهِ آحادًا أو أفرادًا مِن العباد، وهي سنة دائمة إلى يوم التناد، وكان الحُكم بها في الجاهلية، فأقرها الشرع في سائر الأزمان من مواضح البرهان.

والدليل على ذلك: حديث ابن شهاب عُروة عن عائشة رضي الله عنها أنَّها قالت: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسرورًا تبرق أسارير جبهتهُ، قال "ألم تسمعى ما قال محزر المدلجى لزيد وأسامة، ورأى أقدامهما، فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض".

فوجه الدليل مِن الحديث: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد فرح مسرورًا لقولها، حتى برقت أسارير جبهتهُ، ولا يفرح النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا بالحقِّ، فدلَّ على أنَّ القافة دليلٌ يُعمل بهِ، ويجب المصير إليه، عند تعذر الفراش الصحيح الذي هو دليل على صحة الإلحاق، وقد قضى بها عمر رضي الله عنهُ بمحضر خير القرون، وقد روى (١) مالك عن سليمان بن يسار: أنَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنهُ كان يليط أولاد الجاهلية لِمن ادّعاهم في الإسلام، فأتى رجلان كلاهما يدَّعى ولد امرأة، فدعا قائفًا ينظر إليهِ، فقال القائف: "فقد اشتركا فيه"، فضربهُ عمر بالدرة ثُمَّ دعى المرأة، فقال لها: "أخبرينى خبرك"، فقالت: "كان هذا [لأحد] (٢)


(١) أخرجه مالك في الموطأ (١٤٢٠) والبيهقي في السنن الكبرى (٢١٠٥٠).
(٢) في أ: لإحدى.

<<  <  ج: ص:  >  >>