للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الثانية في معرفة ما يجب به الحَد على الزاني

ولا يُحَدُّ الزَّاني إلا باعتراف، أو حمل يظهر، أو بأربعة شهود عُدول يشهدون على معاينة الفِعْل كالمِرْوَد في المِكْحَلَة.

فأما وجوب الحد بالاعتراف فلا خلاف فيه إذا كان المعترف به على نفسه بالغًا عاقلًا آمنًا؛ والأصل في ذلك كتاب الله وسنة نبيه عليه السلام؛ فأمَّا الكتاب: فقوله تعالى: {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إلَّا عَلَيْهَا} (١)، وإقرار الرجل على نفسه كسب عليها؛ فوجب أن يلزمه، ويؤخذ به.

وأما السنة: فرجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ماعزًا بإقراره على نفسه، وغير ذلك مما لا يحصى كثرة من الأحاديث.

والاعتبار في إقراره مرة واحدة لا أربعة، وبه قال الشافعي، ومالك -رضي الله عنهما- خلافًا للنخعي، فإن رجع عن إقراره بالزنا، هل يقال أو لا يقال؟

فالمذهب على قولين قائمين من "المدونة":

أحدهما: أنه يُقَالُ جملة، وإن جحد الإقرار أصلًا.

والثاني: أنه يُقَالُ إن رجع إلى شبهة، وإن رجع إلى غير شبهة، فلا يُقَال، وهو قول عبد الملك. والقولان لمالك في "الكتاب".

فأمَّا وجود الحد بظهور الحمل ممن لم يعلم لها في الظاهر زوج، فلا خلاف في إقامة الحد عليها على مذهب مالك، خلافًا للشافعي وأبي حنيفة إلَّا أن يكون لها بينة على أنها تزوجت أو استكرهت؛ لأن ظهور الحمل لا


(١) سورة الأنعام الآية (١٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>