فينبغي أن تعلم أن الأصحاب ترددوا في الخلط، هل هو شرط في صحة عقد الشركة أم لا؟ فذهبت طائفة إلى أن خلط المالين شرط في انعقاد الشركة، فمتى لم يحصل لم ينعقد عقد الشركة بينهما، وهو نص قول الغير في المدونة، وذهبت طائفة إلى أن الخلط شرط في صحة العقد، وبه قال بعض المحققين.
وذهب ابن القاسم إلى أن الخلط شرط الانعقاد في الثواء، لا في النماء؛ لأنه قال: ما اشتراه أحدهما بماله قبل الخلط فهو بينهما، وما ضاع فهو من صاحبه.
فأنت ترى ترداد هذا المذهب في الخلط، وقد يعتذر عن هذا التناقض بأن يقال: أن المشتري إنما كان بينهما ليكون لذكر الشركة تأثير بأن يشتركا في النماء، وأما الثواء فإنه اختص به صاحب المال الثاوي؛ لبقاء التوفية عليه كالبيع، حتى إذا تناقداها ووزناها، ثم ائتلفت في ملكه لتوزيع الثواء توزيع النماء عليهما.
ثم لا يخلو المشتري ماله منهما من أن يشتري بعد تلف مال صاحبه، أو قبل تلفه؛ فإن اشترى قبل تلف مال الآخر: فالمشتري بينهما لا محالة، فإن اشترى بعد التلف -وهو عالم به: كان المشتري له، قولًا واحدًا، وإن لم يعلم فهو بالخيار بين أن يشركه فيه ويلزمه له، أو يتفرد به دونه؛ لأنه يقول لو علمت بالتلف لاشتريت لنفسى بخلاف ما اشتراه قبل التلف كما تقدم.