وعلى القول بأن الخلط شرط إما في الانعقاد، وإما في الصحة، فإن الشركة موضوعها التعاون في العمل، والإذن في الاتجار مطلقًا بتعافي العقود مرة بعد أخرى على وجه يكثر به المال، ويحصل به الربح، وذلك لا يحصل كما يجب إلا بالخلط؛ لأنه إذا كثر المال اتسعت التصرفات فيه، وكثر الربح، وظهر النماء، وإذا قلَّ عسر استنماؤه، وتعذر استمداده؛ لأن نفس الشركة هي خلط المالين؛ إذ لا تسمى الشركة في عرف الشرع إلا كذلك، وإلا فلا يطلق عليها ذلك الاسم إلا مجازًا.
فإذا ثبت ذلك، فما الخلط المعتبر؟ هل الخلط الحسي أم الخلط المعنوي؟ فالمذهب على قولين:
أحدهما: أن المراعى الخلط الحسي؛ بأن تخلط العين حتى لا يتمكن التمييز أصلًا، وهو مذهب سحنون، وهو ظاهر قول الغير في المدونة.
والثاني: أن المعتبر الخلط المعنوي؛ فإذا وجد صحت الشركة؛ وهو أن يجمع المال أحدهما في تابوته، أو في خريطته، وإن لم يخلطا وكانت كل صرة على حدة، وهو قول ابن القاسم في المدونة.