واختلف المتأخرون في تأويلهما؛ فمنهم من حمل الكلام على ظاهره، ورأى أن الذي في "الكتاب" اختلاف قول واضطراب رأي، فيتحصل في المسألة على هذا المذهب أربعة أقوال:
أحدها: أنه لا يشهد وأنه لا فرق بين الحدود والحقوق، وهو ظاهر قول مالك في "الكتاب"؛ حيث قال: لا يشهد بها.
والثاني: التفصيل بين الحدود والحقوق؛ فيشهد في الحدود بما سمع وإن لم يشهداه، ولا يشهد في الحقوق إذا لم يشهداه، وهو قول مالك الأول على ما نص عليه في "كتاب الشهادات".
والثالث: التفصيل بين أن يستوعب كلامهما فيشهد، أو لا يستوعبه فلا يشهد، وهو قول ابن القاسم، وهو ظاهر قول مالك فيما جوز فيه شهادته إذا استوعب.
وأما إذا لم يستوعب الكلام فلا يشهد، قولًا واحدًا.
والرابع: التفصيل بين أن يسمع ذلك من شاهد يحكيه أو يسمعه من المباشر, فيستدق أو من القاذف: فيشهد، وإن سمعه من شاهد يحكيه: فلا يشهد، وهو ظاهر قول مالك في المسألة هنا.
بيد أن أرباب المذهب اختلفوا في نقل الشهادة عن الشاهد، هل يفتقر إلى إذن الشاهد المنقول عنه أم لا؟ على ثلاثة أقوال كلها قائمة من "المدونة":
أحدها: أن ذلك لا يجوز إلا بإذنه، وهو نص المدونة في كتاب [. .] و" كتاب الشهادات".
والثاني: أنه يجوز ولا يفتقر إلى إذنه، وهو ظاهر قوله في "كتاب