الأقضية" من "المدونة" حيث قال: إن القاضي المحدث لا ينظر في شيء من أمر البينة التي شهدت عند المعزول وثبت في ديوانه فقال: لا يجوز في شيء من ذلك إلا أن تقوم عليه بينة.
قال الشيخ أبو القاسم بن محرز: قوله: إلا أن يقوم عليه ببينة [. .](١) على ما ثبت من خط الشهود، فقد أفادت المسألة جواز الشهادة على الخط.
وإن كان أراد به إقامة البينة على سماعهم الشهادة من الشهود حين أثبتوها عند القاضي، فقد أفادت المسألة جواز نقل الشهادة، وإن لم يأذن الشاهد المنقول عنه بذلك، وإلى هذا نجا بعض المتأخرين أيضًا، وقال: لا فرق بين أن ينقل عنهما أو قد ذكراها عند الحاكم أو نقلت عنهما، وقد ذكراها عند غير الحاكم.
والقول الثالث: أنه يجوز النقل عنهما إذا رفعت عند الحاكم؛ لأن ذلك موضع التحرير والاحتفاظ على الزيادة والنقصان.
ولا يجوز النقل عنهما إذا ذكراها في معرض ما حكى له وكثير من الناس من يستعمل في كلامه المعاريض والمزاح الذي هو مباح، ولو علم أنها تنقل عنه لتحقق وتحرز، وإلى هذا ذهب بعض المتأخرين أيضًا.
ومنهم من قال: إن ذلك ليس باختلاف قول، وإنما هو اختلاف أسئلة، وإن كلام ابن القاسم تفسير لقول مالك، وليس مراده عندهم بقوله الأول قولًا ثانيًا، واختلافًا من قوليه لتقدم الكلام في المسألة، وسماعه القول في أحدهما قبل الآخر؛ فيكون معنى قوله: وأما على قول مالك الأول يريد بالأول في السماع، لا أنه الأول في الأقوال؛ إذ هي ثلاث مسائل:
الأولى: إذا سمع شاهدًا أو شهودًا يذكرون أنهم سمعوا فلانًا يقول