للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن كان إذنًا خاصًا بالصيغة دون الإشهاد والإشهار؛ مثل أن يأذن له في نوع من المتاجر، ولم يشهر ذلك، هل يجوز له أن يتصرف في غير ذلك النوع، ويلزم السيد؟ وهل يجوز له أن يبيع بالدين أم لا؟

فالمذهب على قولين قائمين من "المدونة":

أحدهما: أن ذلك لازم للسيد، وهو قول ابن القاسم في المدونة، في أول "كتاب المأذون"؛ حيث قال: لأنه أقعد للناس، ولا يدري الناس لأي أنواع التجارة أقعده، فيجوز له أن يبيع بالدين وغيره، وهو قول أصبغ في التحجير في الدين؛ إذ لا فرق بين أن يحجر عليه في التجارة في الدين، أو يحجر عليه في التجارة في نوع من الأنواع.

والثاني: أنه لا يجوز له أن يتجر في الدين إذا حجر عليه في التجارة به، وهو قول سحنون، وكذا يلزم على قوله إذا حجر عليه في التجارة في نوع من المتاجرة.

وأما الرشد: فإن الله تعالى جعل الأموال قوامًا للعيش، وسببًا للتجارة، وصلاحًا للدين والدنيا، ونهى عن إضاعتها وتبذيرها في غير وجوهها؛ نظرًا منه لعباده، ورأفة بهم، فقال تعالى: {وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (٢٦) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} (١)، وقال سبحانه: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا} الآية (٢).

وأمرنا أن لا نمكن منه السفهاء؛ حراسة لها من أن تبذر وتنفق في غير وجوهها؛ فقال تبارك وتعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} (٣).

وأما اشتراط البلوغ: إذ لا يصح الرشد من صبي لضعف ميزه بوجوه


(١) سورة الإسراء الآيتان (٢٦، ٢٧).
(٢) سورة الفرقان الآية (٦٧).
(٣) سورة النساء الآية (٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>