والثالث: أنه يلزمها دفع وقبض منه، ولا يرجع به على الأولياء ويسقط عنه ما لم يدفع، وهذا تأويل بعض الشيوخ على "المدونة" بناء على أن القبض له تأثير قوي كما لو حكم عليه بدفعه وأن القبض له تأثير فيما اختلف فيه كالديون في الأنكحة المختلف فيها وقبض السلع في بعض البياعات المكروهة عندنا المختلف فيها.
فإن كان عالما بالحكم غير جاهل به؛ مثل أن يكون فقيها عالما بما له وعليه صالح الأولياء على مال لكان يدعي أن يلزمه ما التزم ويمضي الصلح في الوجهين قبض ذلك منه أم لا قولا واحدًا، ويبقى النظر فيما دفع إلى أولياء القتيل هل يرجع به على العاقلة أم لا، وذلك يتخرج على قولين:
أحدهما: أنه لا يرجع على العاقلة بشيء.
والثاني: أنه يرجع بذلك على العاقلة، وإلى هذا أشار بعض المتأخرين.
والجواب عن الوجه الثاني من أصل التقسيم: إذا أقر بقتل الخطأ ولم يصالح على شيء فلا يخلو من أن يتهم في إقراره أم لا.
فإن كان يتهم في إقراره مثل أن يتهم في غيلولة المقتول فلا تلزم الدية العاقلة بإقراره قولا واحدًا، وهل يلزم ذلك المقر في ماله أم لا؟ على قولين:
فعلى القول بأن ذلك يلزمه في ماله فهل ذلك بقسامة أو بغير قسامة؟
قولان أيضا.
والأقوال كلها قائمة من "المدونة" من "كتاب الصلح والديات":
أحدهما: أن الدية على العاقلة بقسامة.
والثاني: أن الدية في مال المقر بقسامة، وهو ظاهر قول مالك في