للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهل يجوز ذلك للمكتري ابتداءً؟

فالمذهب على أربعة أقوال:

أحدها: الجواز جملة بلا تفصيل، وهو قوله في "الكتاب"؛ حيث قال: وأكثر قول مالك أن ذلك في الحياة.

والثاني: المنع جملة، وهو قول الغير في صرفها إلى مسافة أخرى، وقال: لأن ذلك فسخ دين في دين، والمسافة والراكب سواء.

والثالث: التفصيل بين الإذن، وعدمه؛ فإن أذن له في ذلك رب الدابة: جاز، وإلا لم يجز، وهو قول ابن القاسم في "الكتاب" في المسافة أيضًا.

والرابع: التفصيل بين الراكب والمسافة؛ فيجوز في الراكب، ولا يجوز في المسافة، وإن أذن له رب الدابة.

وسبب الخلاف: اختلافهم في محل الاستيفاء، هل يتعين بالتعيين، أو لا يتعين؛ فعلى القول بأنه يتعين بالتعيين: فلا يجوز؛ لأن الأعيان تتعلق بها الأغراض بخصائص صفاتها، وقد يختار المكري مسافة على مسافة أخرى لغرض له، وإن اتفقت المسافتان في الغاية والوعورة والسهولة والجدوبة والخصوبة.

ويختار الشخص على شخص، وإن اتفقا في جميع الصفات لغرض ما.

وعلى القول بأنه لا يتعين فيجوز، إذ لا علة تبقى، وما عداها من الأقوال فإنها جارية على الاستحسان، والحمد لله وحده.

<<  <  ج: ص:  >  >>