والثالث: أنه يجوز له أن يتعرض إليهم، ويتصدى للحكم بينهم، ويحكم بينهم بأن لا يلزمهم طلاق ولا عتق ولا ربا، وهو ظاهر قوله في "كتاب النكاح الثالث" من "المدونة" على تأويل بعض الشيوخ على ما بيناه في موضعه؛ وذلك إذا ترافعوا إليه؛ لأن أصل معاوضتهم وعقد أنكحتهم فاسدة في أصلها.
والقول الرابع: التفصيل بين الربا وغيره، فلا يجوز أن يحكم بينهم في الربا، ويجوز فيما عداه، وهو قوله في "كتاب تضمين الصناع"، وهو تأويل بعضهم على قول مالك في "كتاب الغصب" من "المدونة" حيث قال: وترك الحكم بينهم أحب إليّ، قالوا: معناه: في الربا خاصة، وعليه اختصرها بعض المختصرين كأبي سعيد وغيره؛ وذلك أن الربا محرم عليهم؛ لقوله تعالى:{وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ}(١)، فإذا تخاصموا وتحاكموا إليه في طلب استيفائه فلا يساعدهم على ذلك، وهو الأظهر.
وأما لكونهم مخاطبون بفروع الشريعة وذلك يعم جميع ما ذكرناه من الطلاق، والعتاق، وغير ذلك.
وأما ما هو حق للعباد مما يجري بينهم من التظالم، فهل يجوز الحكم بينهم أم لا؟
فلا يخلو من أن يكون ذلك بعد الترافع إلينا، أو قبل الترافع.
فإن كان قبل الترافع إلينا، فهل يجوز للحاكم التعرض لهم، والحكم بينهم أم لا؟