للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والهدايا المقصود منها: كثرة اللحم وفوره، لأنها قربة قربت للمساكين، والمساكين لا يريدون إلا الزائد من الأطعمة، وإنما غرضهم كثرة الشيء [وإشباعه] (١)، فالإبل والبقر محل لهذا المقصد، وهذا من طريق النظر.

وأما من طريق الأثر، فقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه ضحى بصنفين، وروى [ابن حبيب] (٢) في "الواضحة": عن عدد من الصحابة والتابعين أنهم يستحبون أن تكون الأضحية بكبش عظيم سمين فحل أقرن أملح ينظر في سواد، ويسمع بسواد ويشرب بسواد، ويؤيده تقديم الضأن على الإبل والبقر ظاهر القرآن في قصة إبراهيم عليه السلام، قوله تعالى: {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} [الصافات: ١٠٧]، قيل: فداه بكبش، وهو القربان الذي تقبل من ابن آدم.

وأما الصفة التي يجب أن تكون عليها [الأضحية] (٣) في ذاتها:

فهي أن تكون سمينة صحيحة، سالمة من العيوب التي نص الشارع عليها، وقد سئل - صلى الله عليه وسلم - عن ما يتقي من العيوب في الضحايا، فأشار بيده، وقال: "أربع العرجاء البين ضلعها، والعوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها والعجفاء التي لا تنقي"، فقيل: التي لا شحم فيها، وقيل: التي لا مخ فيها.

فإن كان فيها عيب كثير سوى هذه الأربعة المنصوص عليها، هل تجزئ معه أو لا تجزئ؟ قولان:

أحدهما: أنها لا تجزئ، وهو قوله في "المدونة" وغيرها، وهو مشهور المذهب.

والثاني: أنها تجزئ، وهو مذهب البغداديين من أصحاب مالك،


(١) في جـ: واتساعه.
(٢) في أ: ابن وهب.
(٣) سقط من أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>