وقال بعضهم: إن كان اشترط الكيل، فلابد من المثل وإن كان لم يشترطه: فهو من باب الجزاف لكونه يتوصل إلى معرفة حقيقته، فلا معنى للقيمة.
وقال آخرون: بل الصواب القيمة إذا وقع العقد على ما لا يصلح العقد فيه، إلا أن يقال: إن مثل ذلك لا يراد لعينه، حتى لو استحق لزم البائع أن يأتي بمثله كالدنانير.
والخلاف في هذه المسألة ينبني على الخلاف في المكيل والموزون، هل يراد لعينه كالعروض أو يراد لغرضه [كالدنانير والدراهم؟
فمن رأى أن المكيل والموزون مراد لعينه، فيقول في ذلك بالقيمة، لأن الأغراض تتعلق بالأعيان لخصائص الصفات.
ومن رأى أنه مراد لغرضه] (١)، قال في ذلك بالمثل، لأن مثل الشيء يقوم مقامه ويَسُدُّ مَسَدَّه.
والقولان في المذهب منصوصان قائمان من "المدونة"، وقد قال في "كتاب الوديعة" فيمن أودعت عنده فاستسلفها ثم ادعى الرد والتلف، فإن كان التلف بعدما ردها، فقال: إن كانت الوديعة دنانير أو دراهم أو مكيل أو موزون فالقول قوله، وإن كانت من غير المكيل والموزون فلا يقبل قوله في دعوى الرد.
وذلك جنوح منه إلى أن المكيل والموزون مراد لغرضه لا لعينه.
فافهم هذا فإنه أصل يبنى عليه كثير من مسائل "المدونة"، مثل اختلافهم