للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقول الثالث: أن حرمة لبن الأول تنقطع بالوضع، وهو قول مالك في "مختصر الوقار"، وهو الذي حكى ابن المنذر عليه إجماع العلماء.

والرابع: أنه لا ينقطع حرمة لبن الأول إلا بعد مضي خمسة أعوام، أقصى أمد الحمل من فراق الأول، وهو قول سحنون.

والقول الخامس: التفصيل بين أن يتساوى اللبنان أو يكون لأحدهما [غلبة على الآخر] (١):

فإن تساويا: فيشتركان في الولد.

وإن كان أحدهما تبعًا للآخر: فالحكم [للأكثر] (٢)، ويكون الولد ابنًا لصاحبه، وهو ظاهر قول ابن القاسم في "المدونة" في مسألة الدواء والطعام إذا مزج بلبن امرأة، فغذي به الصبي، حيث اعتبر الغالب والمغلوب.

وإلى هذا الاستقراء ذهب بعض المتأخرين، وهو مذهب بعض العلماء.

وفرق بعض الحُذَّاق من المتأخرين بين الموضعين بأن الكثير من اللبن المضاف إلى القليل: لا يغير القليل عن صفته ولا يخرجه عن حكمه، بل هو لبن على ما كان عليه واللبن المضاف إلى الدواء أو الطعام فيه يُعتبر الغالب والمغلوب على مذهب ابن القاسم لإضافته إلى غير جنسه.

وأما ابن حبيب وغيره فلم يراعيا شيئًا من ذلك، وإنما اعتبرا وصوله إلى الجوف خاصة، واختلاط [اللبن مع] (٣) غيره من أنواع الأدوية والأطعمة لا يؤثر في إسقاط حكمه، للعلم الحاصل أن أجزائه هناك قائمة، وإن كانت غير بادية؛ لأن الجواهر تتراسن ولا تتداخل، والأقوال كلها


(١) في أ، جـ: على الآخر مزية.
(٢) في أ، جـ: للأكبر.
(٣) سقط من أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>