للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أنَّهُ إذا انقضت عِدَّتُها، ولا نيَّة لهُ في الرجعة، لم يجز لهُ وطئها، ولا أن يبقى معها، وهذا القولُ حكاهُ أبو العباس المغيثى عن بعض المتأخرين في وثائقه، وهذا القولُ أشبهُ بأصولِ المذهب، وإلا كيف تصحُّ لهُ الرجعة ويُباح لهُ الاستمتاعُ في أمرٍ أُكرهَ عليه ولا نيَّة لهُ فيه؟

فما وجدت لهذه المسألة نظيرةً في المذهب، إلا ما قال في "كتاب الوضوء" من "المُدوّنة" في المُسلم إذا كانت زوجتهُ كتابيّة حيث قال: يُجبرها علىَ أن تغتسل مِن الحيض، ولا يجبرها على الغُسل مِن الجنابة، لجواز وطئها وهي جُنُب، فانظرْ كيف جوّز لهُ الوطء وهي مجبورة على الاغتسال، والزوج في مسألتنا أيضًا مجبورٌ على الرجعة، والمجبورُ لا نية له، إذ الجبر يُنافى الاختيار، ولاسيَّما مع عدم النية مِن الزوج في حين الرجعة، ومِن الزوجة في حين الاغتسال.

اللهم إلا أنْ يكونَ بنى الحُكم فيها على أحدِ الأمرين:

إمّا على أنّ الرجعة لا تفتقر إلى نيَّة، وهو قولُ ابن وهب فيما إذا وطيء الزوج في العِدَّة، ولم ينوِ بذلك الرجعة، فهي عندهُ رجعة وهو قولٌ شاذٌ في المذهب.

أو على أنَّ رفعَ الحدث الأكبر لا يفتقر إلى نيَّة، وهذا ممَّا لا أعرف فيه في المذهب نصَّ خلاف، وإنَّما الخلاف الشاذ في الوُضوء [يلزم في الغسل من الحيض] (١). وإمَّا على أنَّ نيَّة الزوج تنوبُ عن نية الزوجة في الاغتسال، ونيَّة السلطان تنوبُ عن نيَّة الزوجُ في الرجعة.

ومثلُ هذا غير معهود [في الشريعة] (٢)، وربُك أعلم.


(١) سقط من أ.
(٢) سقط من أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>