للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتحصيل اختلافهم يحصرُهُ خمسةُ أقوال كُلُّها قائمة مِن "المُدوّنة":

أحدها: أنَّ العزمَ على الوطء وعلى الإمساك، وهو مشهور المذهب، وهي رواية أشهب عن مالك في كتاب "ابن الموَّاز".

فإذا عزمَ على وطئها وأمسكها فقد وجبت الكفَّارة عليه وإن ماتت أو طلَّقها، وهذا نصُّ قوله في الكتاب المذكور، وبهِ قال أصبغ، وقال ابن عبد الحكم: أخبرنى بهذا أشهب عن مالك.

وقال القاضى أبو الوليد الباجى: "وليس مِن شرط العزم الإمساك الأبدية، بل لو عزم على إمساكها سنة، كان عازمًا"، وهذا القولُ قائمٌ مِن "المُدوَّنة" مِن قولهِ: لأنَّهُ كفَّر قبل نيَّة العودة، ولا ينوى ذلك فيمن ليست في عصمته.

والثانى: أنَّ العودة: العزم على الوطء خاصة، [فمتى] (١) عزم على الوطء وجبت الكفَّارة، وهو نصُّ قوله في "المُدوَّنة".

والثالث: أنَّ العودة: العزم على الإمساك خاصةً، [فمتى] (٢) عزم على الوطء: وجبت الكفارة، وهذا قولٌ حكاهُ ابن الجلاب عن مالك ونحوهُ لعبد الله بن عبد الحكم، وعليه تأوّل يحيى بن عُمر قولُ نافع في الكتاب، حيثُ قال: " [وهو] (٣) لَا يُريد المصاب إلا حبس امرأتهُ" قلت: "وهذا بيِّن في مُجرد العزم على الحبس"، ويُؤخذ مِن "المُدوَّنة" أيضًا مِن: "مسألة الأمة التي تظاهر منها سيِّدها وليس لهُ مالٌ سواها"، حيث قال: "يجوز لهُ أنْ يعتقها عن ظهاره"، وهذا يقطع أنَّ العودة


(١) في هـ: فمهما.
(٢) في هـ: فمهما.
(٣) سقط من أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>