فأما إن كان ذلك البخس يرجع إلى الصفة؛ مثل أن يحدد درهمًا زائفًا قد أروجه عليه الدافع، أو دينارًا بائرًا قد دلس به: فقد يجوز له الرضا به، ويصح العقد.
فجميع ما تضمنه قولان قائمان من "المدونة":
أحدهما: أن ذلك جائز إذا رضي به، وهو قول ابن القاسم في "كتاب السلم" و"كتاب الصرف".
والثاني: أن ذلك لا يجوز وإن رضي به، وهو ظاهر قوله في "كتاب النذور": إذا حلف ليقضين فلانًا حقه رأس الهلال فقضاه، فوجد فيه درهمًا زائفًا، حيث قال: فإنه حانث.
وسبب الخلاف: المعدوم معنى هل هو كالمعدوم حسًا أم لا؟ وله سبب آخر، وهو: المخير بين شيئين، هل يعد مختارًا لما ترك أم لا؟
وعلى القول بأن له الرد أو التماسك، فإن اختار الرد وطلب البدل فعل يجوز أو لا يجوز؟
فالمذهب على قولين قائمين من "المدونة":
أحدهما: أن البدل لا يجوز، وهو مشهور المذهب، وهو قول مالك في "المدونة".
والثاني: أن البدل سائغ، وهو قول ابن وهب، وهو مشهور المذهب.
وسبب الخلاف: الرد بالعيب هل هو نقض بيع، أو بيع مبتدأ؟
فعلى القول بأنه نقض بيع: يمنع من البدل، وهو قول أشهب في "كتاب الاستبراء".
وعلى القول بأنه بيع مبتدأ: يجوز البدل، ويعد ذلك عقد مبتدأ، وهو قول ابن القاسم في الكتاب المذكور، والحمد لله وحده.