فإن كان لا يقدر على نقضه وإعادته مرة أخرى؛ كالجلد يعمل منه نعالًا، والخشب يعمل منه أبوابًا: فلا يخلو ما يعمل منه من أن يكون عنده يسيرًا، أو كثيرًا.
فإن كان عنده كثيرًا بحيث يعمل له مرة أخرى إن خرج ما عمل له على خلاف الصفة: جاز ذلك إذا شرع في العمل كما ذكرناه أولًا؛ لأنه إن لم يشرع كان معينًا يتأخر قبضه.
فإن كان قليلًا عنده بحيث لا يبقى منه ما يعمل شريطته مرة أخرى: فإن ذلك لا يجوز؛ لأن ذلك مخاطرة، وحكم هذا الفصل حكم البيع لا حكم السَّلف.
والجواب عن الوجه الثاني: إذا أهملا جميعًا؛ الصانع والمصنوع: فهذا الوجه حكمه حكم السلم، وتعتبر فيه شروطه.
والجواب عن الوجه الثالث: إذا تعين الصانع وأهمل المصنوع منه؛ مثل أن يستأجره على أن يعمل له قدورًا أو نعالًا من عنده، ولم يعين له جلدًا ولا نحاسًا:
فالمذهب على قولين منصوصين في "المدونة":
أحدهما: الجواز، وهو نص قول ابن القاسم في "كتاب الجعل والإجارة" في الذي استأجر رجلًا على أن يبني له دارًا على أن الآجر والجير من عنده، وهو قوله في "كتاب السَّلم الأول".
وسبب الخلاف: تعارض المعين والمضمون أيهما يُغلَّب حكمه، وذلك أن المضمون يقتضي تقديم النقض ليخرج من الدَّيْن بالدَّيْن، والتعيين يمنع من اشتراط النقد لتردده بين البيع والسلف لاحتمال أن يموت قبل الفراغ من العمل.