أنفق: أي: إن كان يدفع له مكيلة معلومة من عنده، فإذا أكلها أعطاه غيرها، أو كان يدفع له دنانير أو دراهم فيشتري لنفسه، وإن معنى قوله: يرجع بقيمة ما أنفق أي: يده كانت مع يده، وأنه من جملة عياله، وهذا التأويل ظاهر المعنى.
وعلى القول بأنه يرجع عليه بقيمة ما أنفق هل يرجع بالسرف، أو إنما يرجع عليه بالقوام؛ مثل أن يكون ينفق عليه الدجاج والخرفان؟
فلا يخلو من أن يكون السرف بالنسبة إلى المنفق أو المنفق عليه.
فإن كان السرف من نسبة المنفق عليه: فإنه لا يرجع عليه به؛ لأن ذلك منه تطوع.
وإن كان السرف من نسبة المنفق وهو قوام بالنسبة إلى المنفق عليه فهل يرجع عليه؟
فالذي يتخرج من الكتاب قولان:
أحدهما: أنه لا يرجع عليه بالسرف، وهو ظاهر "المدونة" لإطلاقه نفي الرجوع دون تفصيل.
والثاني: أنه يرجع عليه به، وهو ظاهر قوله في "كتاب النكاح الثاني" في الذي قال: أرأيت رجلًا ينفق علىّ الدجاج والخرفان، وأنا لو كنت آكل من مالي لم آكل ذلك أيرجع على إلى آخر قوله.
فمفهوم الكلام: أنه لو كان يأكل ذلك من ماله لأكل ذلك، وكان منه قوامًا.
فإن كانت الدار قد فاتت بيد المشتري بما يفوت به البيع الفاسد: فإن المشتري يغرم القيمة ويتقاصص بها مع البائع في قيمة ما عليه من النفقة، وعلى القول بأنه يرجع.