فإن كان رأس المال حيوانًا: فالجواز إطلاقًا؛ لسلامة العقد من العلل المحدودة، والمسلم إليه هو الذي رضي بإسقاط حقه من الاستمتاع برأس المال، ولو شاء لقبضه، فكأنه تركه عند رب السلم وديعة.
فإن كان رأس المال معينًا بالعين: فلا يخلو الذي عليه السلم من أن يكون قد تمكن من قبضه أم لا.
فإن كان قد مكن من قبضه وتركه حتى حلَّ الأجل: فلا خلاف في جواز السلم، فإن ضمانه منه إن هلك إن كان عرضًا بلا خلاف، وإن كان عينًا: على الخلاف.
وإن لم يمكن من قبضه؛ مثل أن يحبسه رب السلم حتى يقبض سلمه: فالسلم فاسد اتفاقا؛ لأن رأس المال قد تأخر بشرط.
والجواب عن الوجه الثاني: إذا تأخر رأس المال على الغلبة والاضطرار كهروب أحدهما أو تماطل، هل يعذر المغلوب منهما بذلك ويكون على سلمه أم لا؟
فالمذهب على قولين:
أحدهما: المنع، ولا يعذر المغلوب منهما بذلك، وهو ظاهر المدونة في "كتاب الصرف".
والثاني: أن البيع جائز، وأن المغلوب منهما معذور، غير أن الحكم مختلف فيهما.
فإن كان الذي له السلم هو الذي مطل بالثمن ولم يقدر الذي له عليه الطعام على الانتصاف منه حتى حلَّ الأجل، أو قرب حلوله: فالخيار له إن شاء فسخ البيع على نفسه؛ لأنه يقول: إنما بعته [بالرخص](١) لأنتفع بالثمن، وذلك الغرض غير محصول.