ومن طريق القياس: أن التحالف إذا جرى حالة القيام مع القدرة على رد عين السلعة: فمنع الفوات أولى، وبهذا استدل أشهب ومن قال بقوله من العلماء كالشافعي.
ويعارضه ما خرجه الدارقطني عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"إذا اختلف المتبايعان والسلعة كما هي فالقول ما قال البائع ويترادان"(١).
وقال أصحابنا: وظاهر التقييد بالقيام يقتضي كون الفوات مخالفة، وإلا لم يكن لقوله فائدة، وكيف لا يكون الأمر كذلك ومقتضى قياس الأصل تصديق المشتري حالة القيام لأنه مدعي عليه؛ لأن البائع مسلم له الملك، وإنما ينبغي مريدًا وهو المطلوب على أنا تركناه في القيام بدليل، والباقي على الأصل، وبهذا يقول ابن القاسم، وهو مشهور المذهب، وبه قال أبو حنيفة.
وأما أشهب ومن قال بقوله فقد حمل التقييد بالقيام على التشبيه بالهلاك بطريق الأولى، وقد روي عنه - صلى الله عليه وسلم - ما لا يعتضد به مذهب أصحاب التفضيل؛ وهو قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فإن استهلكت فالقول قول المشتري".
وهذا نص في محل النزاع إلا أنه حديث في سنده ضعف، وأما القول الثالث الذي جعل القبض فواتًا: فبني على الترجيح باليد عند تكافؤ الدعوى؛ حيث جعل الملك لمن استقرت عليه يده، واستولى عليه ملكه، وكذلك مسألتنا، وكون يد المشتري على السلعة بتمكين البائع دليلًا على صدقه وقبول قوله:
فهذا ما أمكن الإيمان إليه من الاستدلال والتنبيه دون بسط وتطويل، وحسبنا الله ونعم الوكيل. والحمد لله وحده.