فمن رأي أنه معزول عما تضمنته الوكالة، وأن المراد بذلك غيره لا عينه، وأنه لو كان هو المراد بقصده بذلك من غير وكالة قال: يبطل الأمر ما صنع.
ومن رأي أن الوكالة تناولته بإطلاقها من غير تنصيص ولا تخصيص، وهو من آحاد البشر: قال بجواز ما صنع، ولا كلام فيه للأمر، وغاية ما يعتبر ذلك في وجود التهمة وعدمها؛ لأنه يتهم أن يحابي نفسه إذا أسلم إلى نفسه.
فإذا أسلم إلى نفسه كما يسلم إلى غيره فما المانع؟
والجواب عن الوجه الثالث: إذا أسلم إلى من له عليه سلطنة وولاية؛ كعبده، وزوجته، وولده الصغير, واليتيم الذي في حجره المفاوض في مال الشركة: فالمذهب على ثلاثة أقوال كلها قائمة من "المدونة":
أحدها: الجواز في الجميع؛ بناء على أن العهدة تابعة للمال والمملوك للمالك، وهو نص "المدونة" في الزوجة في "كتاب السلم الثاني"، وهو ظاهر قول مالك من غيرها، وقد قال في العبد أنه يملك، وأن الربا لا يجوز بينه وبين سيده، وهو قوله في "كتاب الصرف" وغيره من "المدونة": فإن السيد أيضًا لا زكاة عليه في مال عبده إذا انتزعه حتى يحول الحول عنده.
والثاني: المنع في الجميع كمالك أسلم ذلك إلى نفسه وهو ظاهر قوله في الزوجة في "كتاب السلم الثالث" من المدونة؛ حيث قال في الذي أسلم إلى رجل في طعام فوكل زوجة الذي عليه الطعام على قبضه من زوجها أنه لا يجوز أن يبيعه بقبضها؛ فجعل يدها كيد زوجها، وهو نص قوله: في "كتاب السلم الثاني" في الولد واليتيم والعبد.