المال دنانير أو دراهم، أو بالعكس: فلا تجوز المقاصصة بوجه، سواء كان الرهن مشترطًا في أصل العقد، أو بعد العقد؛ لأنه بيع الطعام قبل قبضه.
وإن كان المسلم فيه مما يجوز بيعه قبل قبضه؛ كالحيوان وسائر العروض: فلا يخلو الرهن من ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يكون مما يجوز أن يسلم في رأس المال، والمسلم فيه.
والثاني: أن يكون مما لا يجوز سلمه في المسلم فيه.
والثالث: أن يكون مما لا يجوز سلمه في رأس المال.
فإن كان مما يجوز أن يسلم في رأس المال والمسلم فيه؛ مثل أن يكون المسلم فيه حيوانًا ورأس المال دنانير والرهن ثيابًا: فلا إشكال في جواز المقاصصة؛ إذ لا علة تبقى إذا كانت الثياب مما لا يقوم بالدنانير؛ لأن الدنانير التي هي رأس المال يجوز سلمها في الرهن وفي المسلم فيه، ويعد ذلك منه كاقتضائه ذلك من حقه.
وأما إذا كان الرهن مما لا يجوز أن يسلم في المسلم فيه، وهو أحسن، أو الحسن صار في الأحسن "حط عني الضمان وأزيدك"، وفي الأحسن "ضع وتعجل"، ويتهمان على أن يعملا على ذلك حين العقد، فإن تساويا في النقد والصفة: جاز، ويكون استيفاء.
وأما الوجه الثالث: إذا كان الرهن مما لا يجوز سلمه في رأس المال؛ لأنه دنانير وهو دراهم: فلا مقاصة بوجه، وهو صرف مستأخر.
ولو اتحد في الجنسية دنانير أو دراهم كلها -أعنى: الرهن ورأس المال: فالمقاصة جائزة اتفاقًا أيضًا إذا اتفقا في الصفة والمقدار، أو يكون الرهن أقل، فإن كان أكثر منع لأنه دراهم في أكثر منها. والحمد لله وحده.