للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المصلحة والرفق؛ مثل أن يكون الشراء بالدرهم أيسر، وكان ذلك أرفق للمأمور به: فذلك لازم للآمر، والمأمور غير متعد.

وإن صرفها على غير هذا الوجه: فالمأمور ضامن للدنانير، وللآمر الرضا بالطعام المشترى، ويأخذه إن قبضه المأمور وهذا قوله في "الكتاب".

فتأمل هذا التفصيل الذي فصل، وكيف جوز للآمر أخذ الطعام إن قبضه المأمور، وأخذه أجازه للصرف الواقع من المأمور على نعت التعدى وهو صرف منعقد على خيار، وهذا التفصيل أيضًا لا يجلى فائدة؛ لأن التعدي موجود في الوجهين؛ لأنه إنما وكله على أن يشتري بدنانير، لا على بيعها, ولا فرق بين أن يكون صرفها نظرًا للآمر أم لا؛ لأنه لم يأمره بذلك، ولا وكله عليه، وهو متعد على كل حال.

أصل ذلك: لو وجد ذلك المأمور سلعة نفيسة القدر يكون شراؤها فرصة ونظرًا للآمر ثم اشتراها المأمور: كان متعديًا فكذلك صرف الدنانير دراهم، فإذا نظرنا إلى محض التعدي ووجوده فالمأمور متعد في الوجهين.

وإن نظرنا إلى أن العلة الموجبة للضمان، وهو ما تضمنه [التعدي] (١) لا نفسه قلنا: إنه غير متعد، وصرف الدنانير بالدراهم ليس فيه إلا محض [التعدى] (٢)؛ إذ لا يعود تعديه بالضرر على الأمر في شيء، ولاسيما إذا بنينا على أن الخيار الحكمي ليس كالخيار الشرطي، بخلاف ما إذا اشتراها عروضًا ثم أسلم تلك العروض في طعام: فإنه ضامن في هذا الوجه باتفاق؛ لأن تعديه يعود بالضرر على الآمر إذا استحقت من يد الذى قبضها


(١) في أ: العدي.
(٢) في أ: العدي.

<<  <  ج: ص:  >  >>