وأما الوجه الثاني من الوجه الأول: إذا تكفل له برأس المال على أن يشتري له به طعامه إذا عدم الذي عليه السلم: فالمذهب على قولين قائمين من "المدونة":
أحدهما: أن ذلك جائز إذا وقعت الكفالة على أن الذي عليه الطعام إن عدم كان على الكفيل أن يخرج مثل رأس المال يشتري به من طعام على حسب منتهى سعر ذلك، وإن كان اشتراؤه مثل القدر الذي أسلم فيه أو أقل أو أكثر، وإلى هذا ذهب الشيخ أبو إسحاق التونسي وغيره تأويلًا على "المدونة".
والثاني: أن ذلك لا يجوز وإن وقعت على هذا الوجه؛ لأن ذلك غرر وخطر لا يدري الذي له الطعام كم يحصل له منه إن كان كله أو بعضه أو أكثر منه لاختلاف الذمم والأسعار عند الحلول.
وقد اختلفوا في الحمالة المقارنة للبيع؛ مثل أن يبيع بشرط أن يتحمل له فلان بالثمن إلى قدوم زيد، أو ما دام حيا أن ذلك لا يجوز على خلاف لهم في ذلك.
وسبب الخلاف: الغرر المضاف إلى أصل جائز هل يؤثر في فساد ذلك الأصل، أو لا تأثير له فيه، ويكون الحكم للصحة، لا للغرر.
والجواب عن الوجه الثاني من أصل التقسيم: إذا كانت الكفالة بعد العقد هل يجوز العقد والحمالة، أو يجوز العقد وتبطل الحمالة؟
فالمذهب على قولين:
أحدهما: أن العقد صحيح، والحمالة باطلة، وهو مذهب سحنون.
والثاني: أن العقد جائز، والحمالة فيه لازمة، وهو مشهور المذهب.