فمن رأي أن ما يوجبه الحكم مثل ما يوجبه الشرط قال: يجعل جميع الطعام في الثلث؛ لأنه لو جعله فيه مقدار المحاباة لخرجت الإقالة عن وجهها، وكرت على أصلها بالبطلان؛ لأنه استرجع جميع المال بعد الغيبة عليه وبعض المسلم فيه فصار سلفًا جر منفعة مع ما فيه من بيع الطعام قبل قبضه.
ومن رأى أن ما يوجبه الحكم خلاف مما يوجبه الشرط قال: يجعل في الثلث مقدار المحاباة من الطعام؛ لأن مسألة الإقالة في المرض معترضة في غير ما وجه؛ لأن فيها تأخير رأس المال إلى أبعد النظر وغير ذلك من وجوه الاعتراضات.
وعلى القول بأنه يصرف جميعه إلى الثلث: فإن حمله كان، وإن لم يحمله: يخير الورثة بين أن يخيروا ذلك أو يقطعوا له إما بثلث ما عليه من الطعام وهو ظاهر "المدونة"، أو يقطع له بثلث طعام المحاباة خاصة وهو ظاهر "الكتاب" أيضًا.
وسبب الخلاف: ما تقدم.
فهذا جملة الكلام من طريق تحصيل ما فيها من الخلاف والاضطراب.
وأما الكلام عليها من حيث الصورة؛ وذلك أنه اشترى مائة أردب حنطة بمائة دينار قيمتها مائتا دينار، ثم أقاله في مرضه: فلا إشكال أن مائة أردب تقسم بين المائتين من حيث المعنى؛ فيقابل كل مائة: خمسون أردبًا، فللمائة التي هي رأس المال منها خمسون وهو القدر الذي لا محاباة فيه، ويبقى للمائة مائة دينار رأس ماله الذي استرجعه للإقالة، ونصف الطعام الذي حابى فيه يساوي مائة أخرى، وجميع ذلك مائتان، ففيها تقع الوصية، فإن أجاز الورثة الوصية كان، وإن لم يجيزوها