والثاني: ما وقع له في "كتاب المرابحة" إذا نقد خلاف ما عليه عقد فباع على ما نقد؛ حيث قال: إن ذلك جائز إذا بين، فأكثر أصحاب مالك يقولون: إن ذلك جائز وإن لم يتبين، وعليه حمل فضل بن سلمة مذهبه في "المدونة"، ولم يفصل بين أن يكون عقد على طعام أو غيره، بل ساوي بين الجميع.
وهو إذا عقد على طعام مكيل ثم نقد غيره: فقد باعه قبل قبضه -أعني البائع الأول الذي وجب له الطعام بالعقد عليه- ولهذا قال محمَّد بن مسلمة -من أصحاب مالك- لا يجوز له أن ينقد عن الطعام غيره؛ لأن ذلك بيع الطعام قبل قبضه.
ويمكن أن ينبني الخلاف على الخلاف في نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الطعام قبل قبضه هل هي شريعة معقولة المعنى، أو غير معقولة المعنى؛ فذهب القاضي أبو محمَّد عبد الوهاب، وأبو الفرج، وغيرهما من البغداديين إلى أن النهي معلل بالعينة، وهو ظاهر قول مالك في الموطأ؛ لأنه بوب على العينة ثم أدرج هذا الخبر في سياق مقتضى الترجمة، وهو صعود إلى طريق [ال] الشاذة المخالفة لفقهاء الأمصار، والصحيح أنها شريعة غير معقولة المعنى ولا مفهومة المغزى، بل هو شرع محض وتعبد صرف، ولو كانت العلة العينة لجاز من بائعه بأقل من الثمن، ومن غير بائعه بكل الأثمان، وهذا فيما كان العلة فيه العينة، وتساوى فيه بين الطعام والعروض.
وإن كان المشتري طعامًا غير ربوي ما يجوز التفاضل في جنسه فعلى قولين: