فإذا قبضه ودار في ملكه: فلا خلاف إن لم يبعه بعد ذلك.
واختلف في المقرض هل يجوز له بيعه بقبض المستقرض قبل أن يقبضه؟ وهو على ثلاثة أقوال:
أحدها: أن ذلك لا يجوز جملة بلا تفصيل، وهو قوله في "المدونة".
والثاني: الجواز جملة، وهو اختيار اللخمي؛ لأن الحديث لم يتناوله لأنه قد قبض بكيل البيع أولًا، قال: وما وقع في "المدونة" فحماية أن يكون باعه قبل قبضه من المسلم إليه وأظهر أنه إنما أقرضه.
والقول الثالث: التفصيل بين القليل والكثير؛ فإن كان يسيرًا: جاز بيعه من المقرض قبل قبضه.
وإن كان كثيرًا منع.
وهذا أحد قولي مالك في "كتاب محمَّد".
وسبب الخلاف: حماية الحماية هل تحمي أو لا تحمي؛ وذلك أن بيعه قبل قبضه إنما منع من سلف بزيادة الذي قدمناه من تعليل النهي، وكونه مقبوضًا وصار في ضمان المقرض يجب أن يجوز للذي له السلم بيعه بقبض المقرض، كما قاله اللخمي والحماية قد حميت ولم يبق إلا حماية الحماية.
وأما القسم الثالث: فيما يصح أن يقع على الوجهتين جميعًا -أعني على قصد المعاينة وعلى قصد الرفق- كالشركة والإقالة والتولية؛ فإن وقعت بزيادة أو نقصان فهي كالمعاوضة التي يقصد بها المكايسة: فيمنع اتفاقًا.
فإن وقعت بغير زيادة ولا نقصان: فلا خلاف -أعلمه- في المذهب أن ذلك جائز قبل القبض وبعده.
وخرجه الشافعي وأبو حنيفة - رضي الله عنهما - بين الشركة والإقالة