وأما بيع الحليب بالحليب متماثلًا: فقد اختلف فيه على قولين قائمين من "المدونة":
أحدهما: الجواز، وهو قول مالك في "كتاب السلم الثالث".
والثاني: المنع، وهذا القول حكاه أبو الفرج عن مالك في "الحاوي".
وسبب الخلاف: هل المقصود استخراج زبدهما فيمنع من وجه الغرر، لا من وجه المماثلة الموجودة، وإنما منع للغرر والمخاطرة؛ لأن كل واحد منهما يقول: لعلي أخرج من الذي أخذت أكثر مما يستخرجه الآخر، ولاسيما لما علم بالمشاهدة أن بعض الحيوانات من البقر والغنم يكون لبنها أكثر زبدًا من لبن بعض، وهو ظاهر "المدونة" من غير ما موضع.
أو المقصود استعمال ذلك الحليب في الطبيخ وغيره، لا ليستخرج زبده: فيجوز.
وأما بيع الزبد بالزبد، أو السمن بالسمن متماثلًا:
فإنه يجوز، قولًا واحدًا.
وأما الجبن بالجبن: فإن كان يابسًا كله، أو رطبًا كله: فإنه يجوز متماثلًا.
وإن كان أحدهما رطبًا، والآخر يابسًا: فلا تجوز المزابنة.
وأما الحليب بالزبد، أو بالسمن، أو بالجبن، أو بالأقط: فإن ذلك لا