للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: وجوب البيان؛ قياسًا على المتفق عليه أنه أدرك أحد ركني العلم بالمقدر فلابد أن يبين طوله وغلظه، وهو قول ابن الموَّاز.

والقول الثاني: أنه لا يلزم البيان؛ لأن الغرض فيما هاهنا المبلغ دون الأعيان، فلم يضره الانفراد بمعرفة ما ليس بمقصود كما لو انفرد بمعرفة أعداد حبات المكيل والموزون، وهذا قول مالك في "المبسوط"، وبه قال ابن حبيب، فقال: وإن عرف العدد أيضًا فإنه يجوز؛ لأن معرفة العدد لا تؤدي إلى معرفة أقدارها في الصغر والكبر.

فعلى القول بلزوم البيان، فلو أراد المبتاع أحدها جزافًا مع علمه بانفراد البائع بمعرفة المقدار: فقد قال مالك: لا يجوز ذلك.

قال القاضي أبو محمَّد عبد الوهاب في "شرح الرسالة": لأنهما قصدا بذلك العقد ضربًا من الخطر؛ لأن الجزاف في نفسه خطر، وإنما أبيح للرفق ولزوم المشقة بانفراد البائع بالعلم يصير للمشتري طريقًا إلى معرفة ذلك، فإذا رضي بأن لا يعلمه فقد رضي بالغرر.

وقال ابن القصار: وهذا كالممتنع؛ لأنه قال: إذا لم يعلم المشتري فهو عيب، وإن علم ورضي بأن لا يعلمه لم يجز، وهذا يناقض كونه عيبًا؛ لأن البائع لو أوقف المشتري على العيب ورضيه: جاز.

وقال القاضى عبد الوهاب: في هذا الذي قاله نظر، والمسألة صحيحة غير ممتنعة؛ لأنه لا يمتنع أن يقع العقد على صفة يكون للمشتري الخيار إذا لم يعلم بها, ولو علم بها حين العقد لم يجز؛ لافتراق الحال في الأمرين لأنه يكون إذا رضي غرر، ومؤديًا إلى ما لا يحل، بخلاف إذا لم يعلم كما يقوله في بيع الفضولي إذا لم يعلم المشتري: فالبيع صحيح، غير أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>