والثاني: أنه ينظر إلى القيمة، فإن كانت أقل من الثمن فسخت البيعتان، ولم يكن للبائع على المبتاع الأول إلا الثمن الذي دفع إليه.
وإن كانت أكثر من الثمن: فسخت البيعة الثانية خاصة، وقضى عليه بالقيمة، فإذا حلَّ الأجل أخذ الثمن، وهذا القول متأول على ابن القاسم، وهو نص قول سحنون.
وعلى القول باعتبار الفوات، هل تفوت بحوالة الأسواق أم لا؟
فالمذهب على قولين:
أحدهما: أنها تفوت بحوالة الأسواق فأعلى، وهو قول سحنون.
والثاني: أنها لا يفتيها إلا العيوب المفسدة، وإليه ذهب أبو إسحاق التونسي.
وسبب الخلاف: الاختلاف بعد فوات السلعة المعيبة هل يمضي بالثمن أو يفسخ، أو يمضي بالقيمة، أو تصح الأولى بالثمن والثانية بالقيمة تعارض المكروهين، وأما تخصيص العقد الآخر بالرد لخصوصه بالجيد، وإما تخصيص سلعة العيبة بالقيمة؛ فالأول لا سبيل إليه لما فيه من الحمل على أحدهما كمثال لإمضاء التصحيح إلى تتميم الغرض الفاسد، وتنجيز الطمع، فلم يبق إلا الفسخ وزنًا بينهما بالقسطاس المستقيم.
وأما القول بالإمضاء بعد الفوات: فهو جنوح إلى مذهب الخصم المتمسك في أسئلة العينة بالقياس الجلي، وإنما قال قائل هذا القول: إنه يمضي بالثمن بعد الفوات، وهو مذهب ابن مسلمة، قال: لأني لا أدرى هل أراد الرغبة والدلسة أو تعمد الحرام فأمضي البيعتين على ما هما بعد الفوات.