لغو، فآل أمرهما إلى أن اشترى منه المشتري الأول قفيزًا واحدًا بعشرة دراهم إلى أجل، على أن يسلف البائع خمسة دراهم نقدًا، وتلك الخمسة من جملة العشرة التي بها وقع البيع أولًا، ويدرعا بالبيع الواقع بينهما إلى ما لا يجوز لو فعلاه ابتداءً، وهذه العلة بعينها موجودة أيضًا إذا كان قبل الغيبة على الطعام فيكون السلف في العين وحده، وبعد الغيبة يكون السلف في العين المنفرد مع الطعام المردود بعد الغيبة والانتفاع؛ فكأنه اشترى ما بقي عنده من الطعام بخمسة على أن يسلفه البائع طعامًا ينتفع به ويرد مثله قبل الأجل مع خمسة دراهم تبقى عنده، وينتفع بها حتى يحل الأجل، فإذا حلّ الأجل أخذ من المشتري عشرة؛ منها خمسة ثمنًا، ومنها خمسة سلفًا.
والعلة في منع شراء المثل بالأقل: ما تقدم من سلف بزيادة إن كان قبل الغيبة على الطعام؛ لأنه في خير العدم لكونه مسترجعًا.
وبعد الغيبة: يدخله مع ذلك طعام ودراهم نقدًا بدراهيم إلى أجل.
والعلة في شراء الأكثر بالأقل من الثمن: ما تقدم من دفع قليل في أخذ كثير.
فإن اشترط للبائع مقاصة المبتاع بما عليه فيما له عليه من الثمن في شراء النقد، أو كان الشراء إلى أجل: فينظر، فإن كان قبل الغيبة عليه جاز ذلك، وحكم له بالمقاصة في جميع هذه الوجوه.
وإن كان بعد الغيبة عليه: لم تجز المقاصة؛ لأن ذلك بيع وسلف، أو سلف بزيادة، على حسب اختلاف الصور.
فيتحصل لك من ذلك أن ضوابط المنع: الشراء بالأقل، أو شراء الأكثر، فمتى حصل لم يحصل الإجزاء إلا بحصول المقاصة قبل الغيبة، لا بعدها، ومتى لم تحصل صحة المسألة بجميع وجوهها إلا وجه واحد ففيه تردد