وسبب الخلاف بين المعقول والمنقول: اختلافهم في المقاصة هل تبرأ بها الذمم، أو لا تبرأ إلا بانصرام الأمد.
فمن رأى أن الذمم تبرأ بالمقاصة قبل انصرام الأمد: قال بجواز المقاصة.
ومن رأى أن الذمم مشغولة إلى الأجل المجعول قال: لا تجوز المقاصة.
ووجه القول بالمنع وإن حلَّ أحد الأجلين: أن التقاصص إبراء، وإذا لم يحل الأجلان يبطل الإبراء.
وكان أشهب يرى أن الأجل من جانب المقترض بما لم يلزم صار في حكم الحال، غير أن هذا الكلام لا يتمشى له، فلا يجب لمصيره، إلا أن المقترض لا يجبر على الأخذ قبل الأجل، وإنما يتمشى له أدنى شيء لابن القاسم؛ لأنه يقول بالجبر على الأخذ، وهو يقول بالمقاصة كما ترى، ولعله إنما آثر الأجل في المنع لأنه منعوت باللزوم على وجه ما، فلا حجة في تقديره حالًا من الأجلين.
ووجه قول ابن حبيب: أن اتفاق الأجلين يدرأ المكايسة عنده لكون انحلال الذمم وقتًا وأمدًا، والإبراء يتنجز في الحال فلم يجعل ذلك مبايعة رآهما في حكم الحالين، وربك أعلم.
والجواب عن السؤال الثاني: إذا كان الثابت في الذمتين عروضًا, ولا تخلو هذه العروض من وجهين: