ولم يعن ابن مسعود - رضي الله عنه - أن الغرر المنهي عنه محصور فيما فسره، وإنما فسر نوعًا من أنواعه ليكون ذلك دستورًا وأصلًا يقال عليه كل ما كان في معناه.
فإذا ثبت ذلك، فالمبيعات تنقسم على ثلاثة أقسام:
قسم الغالب عليه السلامة: فسمي ذلك البيع صحيحًا.
وقسم الغالب عليه الهلاك: فسمي ذلك البيع غررًا.
وقسم اشترك فيه الأمران، واستوى فيه الحالان؛ فما كان الأغلب فيه الهلاك، والسلامة فيه قليلة: فبيعه فاسد.
فإن كان الغالب فيه السلامة، والذي يخاف هلاكه به أمر نادر: بيعه جائز.
بدليل نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها؛ لما يخشى عليها من العاهات، وأباح ذلك بعد زهوها، والخوف عليها قائم، لما كان الغالب عليها السلامة، ولا تكاد البيوع تنفك عن الغرر اليسير.