وأما الوجه الثاني: إذا باع على ما نقد فلا يخلو من أن يبين أم لا.
فإن بين وكان المنقود عرضًا عن عين جاز ذلك قولًا واحدًا.
فإن كان المنقود عينًا عن عين من غير جنسها، أو نقد عينًا عن طعام فالمذهب على قولين قائمين من "المدونة":
أحدهما: الجواز وهو نص "الكتاب".
والثاني: المنع وهو ظاهر "المدونة" من غير ما موضع لأنه في العين صرف مستأخر، وفي الطعام بيعه قبل قبضه؛ لأن العقد إذا وقع بطعام ثم نقد عينه عينًا أو عرضًا فإن ذلك لا يكون إلا بتراضٍ من المتبايعين وذلك بيع مبتدأ أو هو بيع الطعام قبل قبضه.
وقد بينا هذه المسألة في "كتاب السلم" وفي "كتاب النكاح الثاني" بيانًا لا مزيد عليه.
فإن باع ولم يبين فالمذهب على ثلاثة أقوال كلها قائمة من "المدونة":
أحدها: أن البيع لا يجوز كبيعه على ما عقد عليه ولم يبين سواء وهو ظاهر "المدونة" وظاهر ما في "كتاب محمد" أيضًا من غير تفصيل في المنقود ما جنسه.
والثاني: الجواز عمومًا من غير تفصيل، وهذا تأويل فضل بن سلمة على "المدونة" وهي رواية ابن وهب عن مالك في "موطئه"، وروى مثله عن مالك وابن القاسم وأشهب وعلي بن زياد وابن أشرس.
والثالث: التفصيل بين أن يكون ما نقد أقل مما عليه عقد فيجوز، وبين أن يكون أكثر فلا يجوز حتى يبين، وهذا تأويل القاضي أبو الفضل عياض على "المدونة".
والرابع: التفصيل بين العروض والطعام وبين العين، ففي العين