للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرابع: أنها شراء من لا يحل له ثمر النخلة من صاحب النخل ليأكلها هو وعياله رطبًا يخرجها تمرًا مما بيده من التمر نقدًا، وهذا مذهب الشافعي ومن وافقه ورأى أن الرخصة في العرايا إنما هي الرفق ويشتريها وحاجته إلى ذلك، وهذا يأتي على التفسير المتقدم أنها لانفرادها أعني النخلة أو اسما للعقد.

والخامس: أن العرية هي الثمرة إذا أرطبت، سميت بذلك لأن الناس يعرونها أي يأتونها لالتقاط ثمرها.

والسادس: أنها إنما سميت بذلك لانعزال مالكها عنها من بين سائر ماله لأنها عرية من جملة النخل، ويكون على هذا فعليه بمعنى فاعله، قال الله تعالى: {فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ} (١)، أي: في الموضع الواسع الخالي من الأرض.

والسابع: أنها سميت بذلك لأنها عرية من جملة تحريم المزابنة وحلت من ذلك، ولا فرق بين اسمها عرية أو هبة أو عطية أو منحة أن ذلك من ألفاظ المعروف إلا في حكم الرخصة في جواز شرائها منه بخرصها إلى الجذاذ، فقد اختلف أئمتنا في ذلك؛ فابن القاسم لا يجري الرخصة إلا فيما منح باسم العرية وعرفها المستعمل فيها، قال: وأما لغير ذلك من ألفاظ والتمليك فلا يحكم لها بحكم العرية ولا يقضي فيها بخرصها.

وأما ابن حبيب فلم يراع اختصاص لفظ العرية من غيرها من تلك الألفاظ ويجري الرخصة عنده في كل الألفاظ، وهي أعني بيع العرية بخرصها مستثناه من أربعة أصول ممنوعة محرمة:

أولها: المزابنة وهي شراء الرطب بالتمر.


(١) سورة الصافات الآية (١٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>