للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كل من استعمل شيئًا بوجه شبهة أن الغلة له بضمانه، وهذا الحديث موافق لأصول الأقيسة إلا أن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يردها وصاعا من تمر" (١) معارض لحديث "الخراج بالضمان" (٢)، وهو أصل مستثنى وباب على حياله.

والحكمة في رد الصاع من التمر مع الشاة إذا ردها دون أن يرد معها اللبن الذي حلب منها وإن كان قائما أن اللبن المحلوب على تلك الحالة منه ما كان في ملك البائع مخزون في الضرع يوم البيع ومنه ما حدث في الضرع ويكون فيه بعد البيع وبعد أن صارت في ضمان المشتري ومقدار ما كان في ملك كل واحد من المتبايعين غير معلوم بالمقدار.

وقد تختلف في ذلك دعاويهما فيدعي كل واحد منهما الأكثر في ذلك فأمر الشرع برد الصاع من التمر قطعًا لمادة النزاع مثل ما حكم - صلى الله عليه وسلم - بالغرة في الجنسين ولهذا قال مالك رحمه الله: وهذا الحديث ليس لأحد فيه رأي وهو مبني على أن أخبار الآحاد مقدمة على الأقيسة وهو مشهور مذهبه وهو مذهب أكثر الفقهاء خلاف ما حكاه البغداديون وذهبوا إليه من تقديم الأقيسة على أخبار الآحاد، وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه.

وعلى القول بأنه يرد معها صاعا من تمر، فإذا قال البائع: أنا أقبلها بهذا اللبن الذي حلب منها هل يجوز أو لا يجوز ذلك؟ على قولين:

أحدهما: أن ذلك لا يجوز لأن ذلك بيع الطعام قبل قبضه وهو قوله في "المدونة"، لأن الصالح قد وجب له فباعه بما رد مع الشاة من اللبن قبل


(١) تقدم.
(٢) أخرجه أبو داود (٣٥٠٨)، والترمذي (١٢٨٥)، والنسائي (٤٤٩٠)، وابن ماجه (٢٢٤٣)، وحسنه الشيخ الألباني رحمه الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>