يخرجه عن ملك بعوض كالبيع وغيره من سائر وجوه المعاوضات؛ فالكلام عليه يأتي في مسألة مفردة إن شاء الله.
فإن خرج من يده بغير عوض فلا يخلو ذلك من وجهين:
أحدهما: أن يكون باختياره وإيثاره، أو يكون ذلك بغير اختياره وإيثاره؛ مثل أن يكون عبدا فيقبله المشتري أو يتصدق به أو يعتقه، هل له الرجوع بقيمة العيب على البائع ويكون ذلك فواتا أم لا؟ على قولين:
أحدهما: أن ذلك فوات يوجبه الرجوع بقيمته، وهو القول المشهور الذي عليه الجمهور من أصحاب مالك.
والثاني: أنه لا يرجع بقيمة العيب، وهو مهجور المذهب الذي لا وجه له، وهذا القول حكاه بعض المتأخرين عن مالك في المذهب.
فإن كان ذلك بغير اختيار المشتري؛ مثل أن يكون عبدا فيموت حتف أنفه أو يقتله خطأ فله الرجوع بقيمة العيب قولًا واحدا.
والجواب عن الوجه الرابع: وهو أن يعقد فيه عقدا يمنعه من رده؛ فلا يخلو هذا العقد من أن يتعقبه رجوع إلى ملكه كالكتابة على اعتبار الحال والاستيلاء والتدبير والعتق إلى أجل؛ فذلك فوت وليس فيه إلا الرجوع بقيمة العيب.
وأما إن كان العقد يتعقبه الرجوع إلى ملكه كالرهن والإجارة والإخدام ففيه في المذهب ثلاثة أقوال كلها قائمة من "المدونة":
أحدها: أن ذلك العقد ليس بفوت، ولا رجوع له بقيمة العيب حتى يرجع إلى ملكه -طالت المدة أو قصرت- وهو قول ابن القاسم في "المدونة".