فيمن أعتق من العجم، فأما رقيق العرب فلا ولاء فيهم لمعتقهم.
والثاني: أن جواب مالك -رحمه الله- ورد على تكذيب السائل وتقريعه وردا لما يدعيه، وأن الولاء لمن أعتق على كل حال كان المعتق من العجم أو من العرب.
والثالث: أن معنى قوله: "جر العرب ولاءها" أي: نسبها، ومعناه أن نسبها يستفيض ويستطير؛ يقال: فلانة بنت فلانة حتى يساء مولاها إذ المولى الأسفل إنما يعرف ويشتهر بسيده، وبه تكتب شهادته في الوثائق ويقول: فلان من فلان مولى فلان، ورأى مالك أن ذلك ليس بعيب وأنه ليس بمنفعة مقصودة في العتق على كل حال؛ لأن ذلك أمر قد يكون وقد لا يكون؛ إذ قد تموت الجارية الآن فلا يبقى لها الولاء يرغب فيه، وقد يموت ولدها وينقطع نسبه، وقد لا يولد له ولد أصلا، وهو تأويل ابن حبيب، وأشهب، والقاضي.
فيتحصل في ولاء العرب إذا عتقوا قولان قائمان من "المدونة":
أحدهما: أن ولاءها للعرب لا للمعتق، وهو مشهور المذهب على ما حكاه سحنون، وهو ظاهر قوله في "كتاب العيوب"، وقد قال يحيى بن عمر في "السليمانية" في قريش تزوج أمة رجل من العجم فأولدها وأعتق الرجل ولدها إنهم يرجعون إلى أنساب قريش حتى كأنهم لم يمسهم رق قط، وكذلك جميع العرب؛ لأن أنسابها معروفة يتوارث بها.
والثاني: أن ولاءها للمعتق دون قومها كالعجم، وهو قول أشهب، وادعى بعضهم في ذلك إجماع المذهب على عكس ما ذكره سحنون، وهذا القول قائم من "كتاب الجهاد" من "المدونة" حيث قال في العرب: إذا سبوا فإنهم بمنزلة الأعاجم مجملا, ولم يفصل، وهذا الخلاف ينبني على